بلاضوء, بلا هواء. يتآزر التّراب والماء والضّوء والهواء, فتتحوّل القوّة الكامنة في الورد إلى أزرارٍ فوّاحة تنشر شذاها في الأرجاء, فتنقّي وتُنعش وتُسِرّ. وفكر الإنسان كالورد. المعرفة ترابه وماؤه. والذّاكرة ضوءه وحرارته, والخيال هواؤه. تتآزر المعرفة والذّاكرة والخيال, فتتحوّل القوّة الكامنة في الفكر إلى أفكار فوّاحة تنشر قوّتها في الحياة, فتنقّي وتُنعش وتُسِرُّ. المعرفة قوّة, والذّاكرة شُحنة متجدّدة لهذه القوّة. أمّا الخيال فإطلاق للقوّة حتّى تصبح إجراءات وأنوارًا وقبسات من فلاح. بالمعرفة نقوى, وبالذّاكرة نجدّد القوّة. بالمعرفة تزداد ثقتنا بأنفسنا, وبالذّاكرة نزيد الثّقة ثقةً. بالمعرفة نحصّن أنفسنا, وبالذّاكرة نحفظ هذا الحصن منيعًا. ولكن بالخيال, نحلّق بالقوّة, نعيش الحرّيّة المسؤولة, نسافر, نكتشف, ولو كنّا بين جدارن أربعة. بالخيال نُخرج الثّقة من أكمامها إلى النّور. بالخيال ننطلق من حصننا نحو الملأ بخطى سديدة ونفوس أبيّة وعقول نيّرة. بالخيال نستطيع أن نرى حمامة تحمل ريشة, تغمسها في دواة شمس الغروب, تكتب بها أحلى القصص. بالخيال نصنع عربة صغيرة تحمل أطفالاً, تسير في السّماء, والأطفال يجولون على العالَم, يوزّعون الورد والرّيحان. بالخيال نغوص أعماقَ البحر, ندخل بستانًا, نقطف منه عشبة, ونعود بها لنشفي ملايين البشر من أمراض مُستعصية. بالخيال نركب بساط الرّيح, ونجول بين البلدان. بالخيال نُحَيّي الورد, والورد يُحيّينا! بالخيال نُناجي القمر, والقمر يُناجينا! بالخيال نُحاكي الشّمس, والشّمس تُحاكينا! الخيال هواء, والهواء حياة, والهواء سرّ انتقال الصّوت, وسرّ انتقال العِطر, وسرّ انتقال الضّوء. وإلهام غرابي خيالُها هواء نقيّ, يحمل نفحات معرفيّة شذيّة وذاكرة ورديّة. قرأت لإلهام غرابي مخطوطاتها الأولى, فأحسستُ بانتعاش يسري في كياني, فأدركت نقاء هوائها؛ وأحببنا أن نساهم في إطلاق هذا الهواء ونشره. إلهام غرابي نبارك لك باكورة خيالك "مَجد والشّمس". وعلى وِسْعِ خيالِكِ تَكبَرُ مسؤوليّتُكِ في الكتابةِ والإبداع.